يا لها من ليله بين أحضان الجمال عشتها .. مع طيف عاشق الجمال ... عاشق الألم الأستاذ كامل الشناوى ... بصوت يملؤه الرقه والاحساس استأذن للدخول إلى مكتبي ... رحبت به بكل لطف ودعوته للجلوس وهم بالجلوس وهو يقول :
ليلتك هادئه يا ايناس ...قليل ما شاهدت الليل هادئ ... دائما ما يكون الليل ثائر بداخلي .. يعربد كالمجنون ... يتمرد كعقل فيلسوف ... ونجومه تهدر .. وتزأر ، وتطيح بالقمر
قلت : أى ليل تكون أنت فيه لابد يكون هادئا ... فقد عرفتك دائما ...عاشق الليل ...!
قال: ليس الليل وحده ... بل كل ما ليس له حدود يبهرني ...
قلت: مثل ...؟
قال : مثل المجهول ، الفن ، الجمال ، الشوق ، والحب
قلت : وضح أكثر ... ماذا تقصد بالمجهول
قال : هو ما نحاول - عبثاً - أن نصل إليه
نظرت إليه وقلت : وماذا عن الفن ...؟
قال : الفن هو نبض الحياه الجميل ، وملامحها الجذابه ، فالفن الأصيل شجاع وعنيد لأنه يستطيع أن يقتحم الخلود ويتحدى الزمن
قلت : وما عندك عن الجمال ..؟
قال : الجمال فتنه أتمناها ، وأخشاها ... أجده في فكره ، كلمه ، نظره ، نسمه ... أو نغمه تنساب من حنجره كعب حزاء
فإبتسمت وقلت : وصلنا إلى الشوق ...!
قال: الشوق هو اللذه الوحيده التي لا تتخلى عني ، فهي تكون نبض قلبي كلما انتظرت لقاء ... وحتى أذا تم اللقاء تظل كما هي
قلت : آه وصلنا الآن إلى الحب ... ما هو الحب
قال : أن تعريف الحب يخدش قداسته ..!
قلت : ولكني أعلم إنك عانيت كثيراً من الحب .. ولم تظفر من الحب إلا بالعذاب ..
قال : أن الحب هو قلب الحياه النابض بين ضلوع أعمارنا ... قد يؤلمنا القلب ، فنستلقى من المرض ، ولكن نتخلص من قلوبنا إلا أذا أردنا أن نتخلص من الحياه ... فليس غريباً أن تتعذب بمن تحب أو يعذبك من تحب ..!
قلت : ولكني أعلم انك تعذبت بالحب وحدك
قال: لا أُنكر إنني فى العذاب أناني ... أستأثر به لنفسي
قلت : كثيرون لا يحبون ... ويعيشون بلا ألام
قال : لا يحبون ... إذن لا يعيشون
قلت : من يسمعك يظن أنك عرفت جنه الحب
قال : الحب جحيم يطاق ... والتحرر منه جنه لا تطاق !
ورأيته يستعد للرحيل .. وقال : الفجر أوشك يا ايناس ... سأعود إليك مع فجر جديد ... في ليله تكون هادئه مثل الليله
فصافحته بيد مرتعشه ... وبنفس اليد المرتعشه كتبت هذه السطور